تفسير سورة ابراهيم
2 مشترك
الموقع الرسمي للمسلسلات والافلام التركية والاجنية :: تفسير القرآن الكريم :: تفسير ابن كثير للقرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة ابراهيم
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ
الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ بِإِذْنِ رَبّهِمْ إِلَىَ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللّهِ الّذِي لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَوَيْلٌ لّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الّذِينَ يَسْتَحِبّونَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا عَلَى الاَخِرَةِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور {كتاب أنزلناه إليك} أي هذا كتاب أنزلناإليك يا محمد، وهو القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء، على أشرف رسول بعثه الله في الأرض إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد، كما قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} الاَية. وقال تعالى: {هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور} الاَية
وقوله: {بإذن ربهم} أي هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم {إلى صراط العزيز}، أي العزيز الذين لا يمانع ولا يغالب، بل هو القاهر لكل ما سواه، {الحميد} أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وأمره ونهيه الصادق في خبره. وقوله: {الله الذي له ما في السموات وما في الأرض} قرأ بعضهم مستأنفاً مرفوعاً وقرأ آخرون على الإتباع صفة للجلالة، كقوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض} الاَية. وقوله: {وويل للكافرين من عذاب شديد} أي ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك، ثم وصفهم بأنهم يستحبون الحياة الدنيا على الاَخرة، أي يقدمونها ويؤثرونها عليها ويعملون للدنيا، ونسوا الاَخرة وتركوها وراء ظهورهم {ويصدون عن سبيل الله} وهي اتباع الرسل {ويبغونها عوجاً} أي ويحبون أن تكون سبيل الله عوجاً مائلة عائلة، وهي مستقيمة في نفسها لا يضرها من خالفها، ولا من خذلها فهم في ابتغائهم ذلك في جهل وضلال بعيد من الحق، لا يرجى لهم والحالة هذه صلاح
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رّسُولٍ إِلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ فَيُضِلّ اللّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
هذا من لطفه تعالى بخلقه أنه يرسل إليهم رسلاً منهم بلغاتهم، ليفهموا عنهم ما يريدون، وما أرسلوا به إليهم، كما روى الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن عمر بن ذر قال: قال مجاهد عن أبي ذر: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لم يبعث الله عز وجل نبياً إلا بلغة قومه». وقوله: {فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} أي بعد البيان وإقامة الحجة عليهم، يضل الله من يشاء عن وجه الهدى، ويهدي من يشاء إلى الحق {وهو العزيز} الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، {الحكيم} في أفعاله، فيضل من يستحق الإضلال ويهدي من هو أهل لذلك، وقد كانت هذه سنته في خلقه أنه ما بعث نبياً في أمة إلا أن يكون بلغتهم، فاختص كل نبي بإبلاغ رسالته إلى أمته دون غيرهم، واختص محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم الرسالة إلى سائر الناس، كما ثبت في الصحيحين عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» وله شواهد من وجوه كثيرة. وقال تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً}
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىَ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَذَكّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ
يقول تعالى: {وكما أرسلناك يا محمد وأنزلنا عليك الكتاب لتخرج الناس كلهم، تدعوهم إلى الخروج من الظلمات إلى النور، كذلك أرسلنا موسى إلى بني إسرائيل بآياتنا}، قال مجاهد: هي التسع الاَيات {أن أخرج قومك} أي أمرناه قائلين له {أخرج قومك من الظلمات إلى النور} أي ادعهم إلى الخير ليخرجوا من ظلمات ما كانوا فيه من الجهل والضلال إلى نور الهدى وبصيرة الإيمان، {وذكرهم بأيام الله} أي بأياديه ونعمه عليهم في إخراجه إياهم من أسر فرعون وقهره وظلمه وغشمه، وإنجائه إياهم من عدوهم، وفلقه لهم البحر، وتظليله إياهم بالغمام، وإنزاله عليهم المن والسلوى إلى غير ذلك من النعم، قال ذلك مجاهد وقتادة وغير واحد، وقد ورد فيه الحديث المرفوع الذي رواه عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل في مسند أبيه حيث قال حدثني يحيى بن عبد الله مولى بني هاشم، حدثنا محمد بن أبان الجعفي عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وذكرهم بأيام الله} قال: بنعم الله، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث محمد بن أبان به، ورواه عبد الله ابنه أيضاً موقوفاً وهو أشبه .
الموقع الرسمي للمسلسلات والافلام التركية والاجنية :: تفسير القرآن الكريم :: تفسير ابن كثير للقرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى