تفسير سورة يونس
الموقع الرسمي للمسلسلات والافلام التركية والاجنية :: تفسير القرآن الكريم :: تفسير ابن كثير للقرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة يونس
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ
الَر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * أَكَانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىَ رَجُلٍ مّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النّاسَ وَبَشّرِ الّذِينَ آمَنُوَاْ أَنّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنّ هَـَذَا لَسَاحِرٌ مّبِينٌ
أما الحروف المقطعة في أوائل السور فقد تقدم الكلام عليها في أوائل سورة البقرة، وقال أبو الضحى عن ابن عباس في قوله تعالى: {الر} أي أنا الله أرى. وكذلك قال الضحاك وغيره {تلك آيات الكتاب الحكيم} بياض في الأصل أي هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهد {الر تلك آيات الكتاب الحكيم}. وقال الحسن: التوراة والزبور، وقال قتادة: {تلك آيات الكتاب} قال الكتب التي كانت قبل القرآن، وهذا القول لا أعرف وجهه ولا معناه. وقوله {أكان للناس عجباً} الاَية. يقول تعالى منكراً على من تعجب من الكفار من إرسال المرسلين من البشر كما أخبر تعالى عن القرون الماضين من قولهم: {أبشر يهدوننا} وقال هود وصالح لقومهما: {أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم} وقال تعالى مخبراً عن كفار قريش أنهم قالوا: {أجعل الاَلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب} وقال الضحاك عن ابن عباس: لما بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم فقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد قال فأنزل الله عز وجل {أكان للناس عجباً} الاَية. وقوله: {أن لهم قدم صدق عند ربهم} اختلفوا فيه فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق} يقول سبقت لهم السعادة في الذكر الأول وقال العوفي عن ابن عباس {أن لهم قدم صدق عند ربهم} يقول: أجراً حسناً بما قدموا وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهذا كقوله تعالى: {لينذر بأساً شديداً} الاَية، وقال مجاهد {أن لهم قدم صدق عند ربهم} قال الأعمال الصالحة صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم قال: ومحمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم، وكذا قال زيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقال قتادة سلف صدق عند ربهم واختار ابن جرير قول مجاهد أن الأعمال الصالحة التي قدموها كما يقال له قدم في الإسلام، كقول حسان
لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع
وقول ذي الرمة
لكم قدم لا ينكر الناس أنها مع الحسب العادي طمت على البحر
وقوله تعالى: {قال الكافرون إن هذا لساحر مبين} أي مع أنا بعثنا إليهم رسولاً منهم رجلاً من جنسهم بشيراً ونذيراً {قال الكافرون إن هذا لساحر مبين} أي ظاهر وهم الكاذبون في ذلك
إِنّ رَبّكُمُ اللّهُ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ اسْتَوَىَ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبّرُ الأمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكّرُونَ
يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه، وأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام قيل كهذه الأيام وقيل كل يوم كألف سنة مما تعدون كما سيأتي بيانه ثم على استوى العرش والعرش أعظم المخلوقات وسقفها. قال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا أبو أسامة حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت سعداً الطائي يقول: العرش ياقوتة حمراء، وقال وهب بن منبه خلقه الله من نوره وهذا غريب. وقوله: {يدبر الأمر} أي يدبر أمر الخلائق {لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السموات ولا في الأرض} ولا يشغله شأن عن شأن ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير في الجبال والبحار والعمران والقفار {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} الاَية
{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} وقال الدراوردي عن سعد بن إسحاق بن كعب أنه قال حين نزلت هذه الاَية {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض} الاَية، لقيهم ركب عظيم لا يرون إلا أنهم من العرب فقالوا لهم: من أنتم ؟ قالوا: من الجن خرجنا من المدينة أخرجتنا هذه الاَية رواه ابن أبي حاتم. وقوله: {ما من شفيع إلا من بعد إذنه} كقوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وكقوله تعالى: {وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} وقوله: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} وقوله {ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون} أي أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له {أفلا تذكرون} أي أيها المشركون في أمركم تعبدون مع الله إلهاً غيره وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق كقوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ؟ ليقولنّ الله} وقوله: {قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله أفلا تتقون} وكذا الاَية التي قبلها والتي بعدها
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً إِنّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
يخبر تعالى أن إليه مرجع الخلائق يوم القيامة لا يترك منهم أحداً حتى يعيده كما بدأه، ثم ذكر تعالى أنه كما بدأ الخلق كذلك يعيده {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط} أي بالعدل والجزاء الأوفى {والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون} أي بسبب كفرهم يعذبون يوم القيامة بأنواع العذاب من سموم وحميم وظل من يحموم {هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج} {هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن}
الموقع الرسمي للمسلسلات والافلام التركية والاجنية :: تفسير القرآن الكريم :: تفسير ابن كثير للقرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى